الخميس، 24 نوفمبر 2011

شارع محمد محمود هو الخط الفاصل بين منطقة النار ومنطقة العار

إيناس كمال :

شهادات من الميدان :
 المتظاهرين يصرخون .. لا تصدقوا الاعلام المصرى فهو يصورنا بلطجية
اطفال من عمر أعوام و شيوخ حتى 80 عاما يتظاهرون
"سامع أم شهيد بتنادى .. هاتوا حقى و حق ولادى"
"المشير بيهيس .. عايز يبقى ريس"
"يادى الخيبة ويادى العار .. أخ بيضرب أخوه بالنار"
"يا اللى ساكت ساكت ليه خدت بحقك ولا ايه"
"1- العسكر لازم يمشى 2- طنطاوى ما يحكمش 3 - دم الشهدا ما يروحشى"

الثلاثاء 22 نوفمبر 2011 :
كانت هذه بعض الشعارات و الهتافات التى ترددت فى ميدان التحرير فى مليونية رحيل المجلس العسكرى الثلاثاء 22 نوفمبر الماضى . لم أدرك حتى الآن كيف وصلت إلى الميدان بهذه السرعة بعدما وصلت إلى قمة الغليان و الحماسة بعد كم من الأخبار المستفزة و المغلوطة والغير صحيحة و بعدما  وصلت بى صورة إلقاء الشهداء فى صندوق القمامة إلى مدى غريب من الإستفزاز جعلنى اخرج عن صمتى واقرر الإنضمام إلى الملايين المتجمهرة للتأكيد على مطلب واحد "رحيل العسكر" .



وصلت إلى ميدان التحرير فى تمام الساعة الخامسة مساء كنت أظن الميدان خاويا تماما او سيبدأ المتظاهرين فى الرحيل لكننى فوجئت بإمتلاء الميدان عن آخره حتى أننى ذهبت من مقر خروج مترو محطة السادات بجوار المجمع إلى الصينية فى 15 دقيقة و توقعت أيضا ألا أستطيع وضع أقدامى على أرض الميدان بعدما صور الاعلام إشتباكات فى كل مكان وصور اطلاق نيران جعلت الجميع يخشى الاقتراب حتى من محيط كوبرى الجامعة إلى ميدان روض الفرج , وصلت إلى الميدان و إستغرقنى الأمر ساعة كاملة حتى أجد صديقتى التى إتفقت معها على الذهاب هناك حتى تشد بأزرى و تنجد إحدانا الأخرى إذا ما حدث مكروه ما لأى منا , لم يكن هناك تغطية لأى شبكة من شبكات التليفون المحمول "لا أعلم السبب حتى الآن؟!" لكن إذا أردت أن تجرى مكالمة عاجلة عليك الذهاب إلى أطراف الميدان (شارع قصر النيل , شارع محمد محمود , شارع طلعت حرب أو عبد المنعم رياض) .

الحمد لله إلتقيت بصديقتى , تجولنا بين تجمعات عدة و مختلفة هناك بعض الليبرالين الملاحدة الكفرة الذين يريدون رحيل المجلس العسكرى نبعد قليلا وهؤلاء أيضا بعض جماعات التيارات الإسلامية التى تكفر الشعب المصرى جميعا ترى أفرادهم قد كفروا بقياداتهم و يطالبون أيضا برحيل المجلس العسكرى و حكومة إنقاذ وطنى عاجلة و مجلس رئاسى مدنى ومحاكمة فورية و عاجلة للمتسببين فى قتل الشهداء , ذهبنا إلى تجمع "تقدر تقول عليه ولاد الناس و هما دول اللى بيقبضوا اللى فى الميدان " هم أيضا يطالبون برحيل المجلس العسكرى .

تجولنا فى الميدان تقريبا 3 مرات حتى إستقررنا ما بين ناصيتى شارع طلعت حرب و شارع محمد محمود ردد المتظاهرون هم أيضا هتافات برحيل المجلس العسكرى وعلى رأسهم المشير "يبدو أن الجميع يتفق على مطلب واحد .. غريبة كل دول قابضين شكلنا وصلنا متأخر وما لحقناش نقبض!!" كان رد فعل المتظاهرون بعد خطاب المشير لا يختلف كثيرا عن رد فعلى فقد رفعوا الأحذية إعتراضا على بيانه يصفونه ببيانات مبارك و خطاباته وبعدما قالت لى صديقتى قبل إلقاء البيان أن وصل إليها أنباء أن الإخوان سيجتمعون اليوم بالمجلس العسكرى ليؤدى تمثيلية على الشعب يعلن فيها عن قبول إستقالة الحكومة و إجراء الإنتخابات فى موعدها وإعلان أن الجيش الثانى الميدانى أعلن عصيانه للمجلس العسكرى وبعد دقائق توالت علينا أخبار تؤكد ما أخبرتنى به صديقتى".

بعد مدة من ترديد الهتافات قررت أنا وصديقتى ان نذهب لنتزود بأى طعام بعدما كدنا نسقط أرضا من شدة الهتاف تجولنا حتى وصلنا شارع طلعت حرب وانزوينا بركن منه و فور إنتهائنا ألحت صديقتى على حتى نذهب لشارع محمد محمود وأنا ألح عليها ألا نذهب هناك و علينا العودة إلى منازلنا فورا بعدما تأخر الوقت بنا لكن شىء ما جعلنى أريد الذهاب هناك وأخذنا فى الاقتراب شيئا فشيئا وعندما كنا نسير بجوار مول البستان لاحظنا تجمع المئات من الشباب وبينهم فتيات !!. يهدئون فجأة ويركضون ناحية الميدان ثم يعودون مرة أخرى بعدما تنطلق إشارة معينة "إثبت ... كله ثابت مكانه ..إرجع تانى !! " .



وصلنا إلى مقر الجامعة الأمريكية بشارع الفلكى و تقاطع شارع محمد محمود دخان كثيف الجميع يرتدى أقنعة و الجميع عيونهم حمراء تكاد الدماء تنفجر منها وأنا أسأل متعجبة بعض الشباب المتواجدين هناك "ما الذى يدفعكم للمجىء إلى هنا ؟ ويقولون : لحماية من فى الميدان فمنذ إندلاع المليونية و الأمن يتحرش بمن فى الميدان بإطلاق النيران والغاز الكثيف فنحاول أن نقف كحائط صد وكمتاريس بشرية لهم حتى لا يتمكنون من التقدم إلى الميدان " تعجبت من هذه الجرأة والشجاعة أناس يقفون فى الصفوف الأولى من أجل ملايين لا يعرفونهم يتساقطون فيأتى غيرهم .

 أخبرت صديقتى أن نذهب على الفور بعدما رأيناه وسمعناه وإلحاحها لم يتوقف أرادت منا التقدم أكثر وأكثر وأنا أكتفى بذلك تقدمنا بضعة مترات فسمعنا إطلاق نيران وقنابل تلقى بجوارنا و لم أفهم مغزى ماكانت صديقتى تحاول إيصاله لى بإلحاحها إلا عندما رأيت طلقات نارية (لست أعلم حتى الآن هل كانت مطاطية أو حية فأنا لست خبيرة كهؤلاء الأبطال فيها ) تمر بجوارى لا يفصلها عنى سوى بضعة سنتيمترات وكيف أن الشهادة شرف لا يناله ألا أنبل وأشرف و أشجع و أطهر وأنقى الرجال.

"عرفتى دلوقتى الفرق بين الناس اللى جوا والناس اللى برا .. حسيتى الناس اللى هنا بتحس بإيه" كان هذا ما قالته لى صديقتى بعدما إستطعنا الفرار من إطلاق النيران إلى المستشفى الميدانى التى تختبأ فى حارة ضيقة أمام مقر الجامعة الأمريكية وبعدما كاد الادرينالين يفتك بى .

بعدما إلتقطنا أنفاسنا أدركت شيئا واحدا أن محمد محمود دولة أخرى تختلف تماما عن دولة وسط التحرير والميدان بأكمله دولة أخرى تختلف تماما عن باقى ميادين التحرير فى مصر فالحد الفاصل ما بين النار والعار يرقد فى شارع محمد محمود .

إكتفيت بأحداث هذا اليوم و إنصرفت بعدما رأيته فى الميدان دم , إختناقات ,غاز مسيل للدموع و غاز مثير للأعصاب وغازات أخرى لم يتعرف أطباء المستشفيات الميدانية عليها حتى الآن وبعدما تلقيت بضع زخات من سائل توصل إليه أطباء المستشفى الميدانى أن من شأنه أن يهدأ من إحمرار العين "ماء مخلوط بخميرة طعام".

الأربعاء 23 نوفمبر 2011

قررت بدافع الفضول أن أشهد اليوم من أوله وأشوف كيف هو الحال لكن بصحبة درع بشرى قوى ذهبت بصحبة أحد معارفى و أقربائى لكن هذه المرة لم نستطع التقدم أكثر من ناصية شارع محمد محمود فالدخان هذه المرة كثيف يصل إلى الميدان والأمن المركزى تقدم حتى وصل إلى مقر الجامعة الأمريكية ولم يكتف بوجوده فى محيط مبنى الوزارة كما إدعى وزير الداخلية الموقر منصور العيسوى وسيارات الإسعاف والدراجات البخارية المكلفة بالإنقاذ لم تستقر على الأرض من كثرة المصابين والجرحى جراء إطلاق القنابل والرصاص المطاطى ما يقرب الساعتين قضيتها بمكانى اشاهد خيرة الشباب يتساقطون اتجول فى شارع القصر العينى  وحتى ناصية محمد محمود ثم قررنا الذهاب بعدما ما إستنشقنا ما يكفى من الدخان والغاز "الغير مرئى"

 أحد المتظاهرين لم يتعد ال 13 عاما سألته ما الذى جاء بك إلى هنا فأخبرنى لأن دى بلدى و مش هنسيب حق الناس دى !.

لاحظنا تجمع لدى مدخل شارع الشيخ ريحان المؤدى إلى وزارة الداخلية ذهبنا لإستوضاح الأمر فوجدنا بعض من رجال الأزهر ذهبوا للتفاوض مع رجال الشرطة لأخذ هدنة وإيقاف إطلاق النار والقنابل على المتظاهرين بعدما فشلوا فى الوصول إليهم عن طريق شارع محمد محمود و كنت أشاهدهم أمامى يختنقون ويستاقطون هم أيضا "يبدو أن الغاز لم يفرق بين من يردتى عمامة و من يرتدى كمامة".


ذهبنا إلى محطة المترو لنغادر وفور دخولنا لاحظنا هرجا و مرجا و فوجئنا ببلطجية يروعون المواطنين بالأسلحة البيضاء "ألم أقل لكم أننا داخلون على معركة جمل جديدة؟!" لذنا بالفرار سريعا حتى وصلنا لشارع قصر النيل وإنتظرنا إستقرار الأوضاع ثم عدنا مرة أخرى إلى المترو ووجدنا أن أحدا لم يلقى القبض عليهم كما أن تأمين الميدان فى هذه اليومين لم يكن على المستوى المرجو ولاحظنا وجود بعض البلطجية المندسين بيننا .
ولشد ما كاد يفتك بصبرى هو فور خروجى من محطة المترو أن رأيت أمامى قناة النيل تكتب خبرا "هدوء نسبى بشارع محمد محمود".

متى ننتظر حتى نتأكد من صهيونية من يدعون أنهم يقومون بحمايتنا فهناك قنابل منتهية الصلاحية منذ عام 1996 و قنابل غاز مسيل للدموع و غاز اعصاب و خرق لهدنة تم الإتفاق عليها لوقف إطلاق النار ومن ثم معاودة إطلاق النار عليهم أثناء الصلاة !! لكن بعد كل هذه الأحداث أدركت شيئا واحدا أن "ميدان التحرير أدفا من الكنبة".

للتواصل مع المدونة عبر الفيس بوك 
http://www.facebook.com/NOSLESAN